روسيا تخفّض الفائدة رغم تصاعد التضخم وضغوط الحرب

خفض البنك المركزي الروسي سعر الفائدة الرئيسي إلى 16.5% يوم الجمعة، في رابع خفض له على التوالي منذ بداية دورة التيسير النقدي، رغم استمرار الضغوط التضخمية الناتجة عن الهجمات الأوكرانية على المصافي النفطية وزيادة الضرائب المرتقبة. وجاء الخفض الأخير بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الأصغر ضمن سلسلة التخفيضات الأخيرة، وفق ما ذكرت بلومبيرغ.
وأشار البنك في بيانه إلى أن توقعات التضخم لا تزال مرتفعة، ما قد يعيق عملية التراجع المستدام في الأسعار. كما رفع توقعاته للتضخم في عام 2026 إلى ما بين 4% و5% مقارنة بـ4% في السابق، في حين خفض توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 إلى 0.5%-1% بدلًا من 1%-2%.
وأرجع البنك ارتفاع الأسعار مؤخرًا إلى عوامل مؤقتة، منها انتهاء تأثير العوامل الموسمية مثل انخفاض أسعار الفواكه والخضروات في الصيف، وتراجع أثر قوة الروبل، إضافة إلى أزمة الوقود الناجمة عن الضربات الأوكرانية المتكررة ضد البنية التحتية للطاقة الروسية بما في ذلك المصافي وخطوط الأنابيب والمرافئ. وقد ارتفعت أسعار البنزين بنسبة 3% في أيلول/ سبتمبر وبنحو 2% إضافية في تشرين أول/ أكتوبر.
وأوضح البنك أن العوامل التضخمية المؤقتة تتداخل حاليًا مع بعضها البعض، ما يستدعي سياسة نقدية تراعي التأثير التراكمي لهذه الضغوط. كما حذّر من أن رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 22% في عام 2026، بهدف تمويل النفقات الدفاعية المتزايدة، قد يضيف ما بين 0.6 و0.8 نقطة مئوية إلى معدل التضخم.
وللوصول إلى هدف التضخم البالغ 4% بحلول نهاية العام المقبل، يحتاج البنك إلى إبقاء معدلات التضخم الشهرية المعدلة موسميًا قرب هذا المستوى لفترة طويلة. وكان تراجع التضخم إلى هذا الحد في حزيران/يونيو هو ما شجّع البنك على بدء دورة الخفض الحالية من ذروة بلغت 21%.
في المقابل، زادت العقوبات الأميركية الجديدة على قطاع النفط الروسي من تعقيد المشهد الاقتصادي، إذ إنها تقلّص مصدرًا رئيسيًا لتمويل الحرب وتزيد من احتمالات هبوط حاد في الاقتصاد، وفق محللين. كما أشار البنك إلى أن الأثر الانكماشي لموازنة 2025 سيكون أقل مما كان متوقعًا، مؤكدًا أن التغييرات في السياسة المالية قد تتطلب تعديلات إضافية في السياسة النقدية.
ويتوقع صانعو السياسات أن يبلغ متوسط سعر الفائدة الرئيسي في عام 2026 بين 13% و15%، مقارنة بتقديرات سابقة تراوحت بين 12% و13%.
وترى المحللة أولغا بيلينكايا من شركة Finam أن ارتفاع الفائدة يؤثر بشكل أكبر على القطاعات المدنية مقارنة بالقطاعات الدفاعية، حيث لا تزال الأجور والاستهلاك في ازدياد رغم تباطؤ النمو. كما أن معدل البطالة عند أدنى مستوى تاريخي يبلغ 2.1%، ما يزيد من المنافسة على اليد العاملة ويدفع الأجور للارتفاع بوتيرة تفوق الإنتاجية، وهو ما يغذي الطلب الاستهلاكي ويزيد من الضغوط التضخمية،بحسب بلومبيرغ.
وقالت الخبيرة الاقتصادية صوفيا دونيتس إن “مهمة البنك المركزي الروسي حاليًا بالغة الصعوبة، إذ عليه الموازنة بين خطر تباطؤ الاقتصاد المفرط وخطر التضخم المتصاعد.”
ومن المقرر أن يعقد البنك اجتماعه القادم بشأن الفائدة في 19 كانون أول/ ديسمبر.