Contact Us
عقارات

نحو أفق مستدام: تحولات سوق العقارات العالمي في 2025

69598624-2C23-4C4D-85B4-ADF4176619C9

يشهد سوق العقارات العالمي في عام 2025 نقطة تحوّل محورية تُنذر بمرحلة جديدة من الإستقرار والنمو، بعد سنوات من التذبذب والتحدّيات. ففي حين تراجعت القيمة الرأسمالية لبعض الأصول تحت وطأة إرتفاع تكاليف التمويل، فإنّ المؤشرات تشير إلى سرعة تعافيٍ واعدة، تحمل في طيّاتها فرصاً ومخاطر على حدّ سواء.

بحسب تقرير Precedence Research، يُقدَّر حجم السوق العقاري العالمي بنحو 4.34 تريليونات دولار أميركي في عام 2025، مع توقعات بأن يرتفع إلى نحو 7.03 تريليونات دولار بحلول عام 2034، بمعدّل نمو سنوي مركّب يُقدَّر بـ5.5% خلال الفترة 2025–2034.

وفي قطاع العقارات السكنية تحديداً، تشير بيانات The Business Research Company إلى وصول حجم السوق العالمي إلى نحو 10 ,555.6 مليار دولار أميركي في عام 2025، بنمو يقارب 4.4% عن عام 2024.

وبالنسبة للسوق الأميركي، تعطينا دراسة CBRE Group صورةً تفصيلية، ففي الربع الثاني من 2025 بلغ معدل «الشواغر الرئيسية» (prime vacancy rate) نحو 14.5%، وهو ما يُعدّ أقل بنحو 4.8 نقطة مئوية من معدل الشواغر غير الرئيسية، مع توقع بخفضه إلى نحو 13.6% قبل نهاية العام.

ومن منظور الإتجاهات والتوجّهات، يشير تقرير PwC وUrban Land Institute – ضمن تقرير Emerging Trends in Real Estate® 2025 – إلى أنّ البيئة النقدية والتشريعية ما زالت تشكّل عاملَ قلق أساسي لدى المستثمرين: فقد ذكرت الدراسة أن 66% من المستجيبين يرون أن أسعار الفائدة المرتفعة تمثل التحدّي الأبرز خلال العام.

كما يُبرز التقرير أنّ القطاعات العقارية ذات الأولوية في 2025 تتجه نحو السكني، والخدمات اللوجستية، والعقارات البديلة (مثل مراكز البيانات والرعاية الصحية) أكثر من الأصول التقليدية التي تواجه ضغوطاً.

من هذا المنطلق، تظهر الصورة العامة لسوق العقارات العالمي في 2025 كما يلي: أولاً، الإستقرار بعد تصحيح رؤوس الأموال: حيث إنّ القيم الرأسمالية لبعض الأصول قد توقّفت عن الهبوط وبدأت بالتثبّت، ما ينطوي على فرصة للمستثمرين للدخول بأسعار أفضل. ثانياً، النمو المدفوع بالإيرادات وليس فقط بالتصريح العوائد التشغيلية من الإيجارات والخدمات أصبحت حجر الزاوية في تقييم الأصول. ثالثاً، التحدّي البنيوي الذي يتمثّل بإرتفاع تكاليف التمويل وأسعار الفائدة، ما يفرض ضرورة إنتقاء الأصول بعناية وفقاً لمعايير «ملاءمة الإستخدام» والقيمة المضافة العقارية.

أما في ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فبينما لا تتوفّر كافة الأرقام بنحو دقيق، فإنّ تقرير Precedence Research يشير إلى أنّ منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا يتوقع أن تنمو بمعدّل سنوي مركّب يقارب 6.52% بين 2025 و2034، أي أعلى من المتوسط العالمي، ما يشير إلى فرص مهمة.

وعند النظر إلى التحدّيات التي تواجه السوق، يبرز أن إرتفاع تكلفة رأس المال، وتقلّب السياسات النقدية، وكذلك التغيرات في سلوك المستخدم مثل العمل عن بُعد، الطلب على مساحات مرنة تشكّل مخاطر فعلية. فمن جهة، إرتفاع سعر الفائدة يقلّل من قدرة المشترين على التمويل، ومن جهة أخرى، تغيّر متطلبات المستخدمين يجعل بعض الأصول «مُهدَّدة بالتقادم» إن لم تُجدد أو تُحوّل الإستخدام.

يُمكن القول إن سوق العقارات في عام 2025 يتّجه نحو مرحلة «نضج تجاري وإستثماري» أكثر من «طفرة»، وهي مرحلة تتطلّب من المستثمرين والمطوّرين التحلّي بالمرونة، والإبتكار في النماذج التشغيلية مثل العقارات متعددة الاستخدامات، أو التحوّل الرقمي للعقار، والتركيز على الجودة والموقع والوظيفة أكثر من الحجم فحسب. إغتنام الفرص في هذه المرحلة يتطلّب فهماً دقيقاً للبيانات، وقدرة على التنبّؤ والتكيّف مع الواقع المتغيّر، وهذا بالضبط ما يميّز الأبطال في هذه الدورة من السوق.

شارك المقال