بين الإعلانات والمستوطنات... دعوى قضائية تكشف تورط منصات سياحية في انتهاكات حقوقية

رفعت منظمة رابطة حقوق الإنسان في فرنسا شكوى مدنية ضد منصتي "إير بي أن بي" و"بوكينغ دوت كوم"، متهمة الشركتين بالتواطؤ و"الإخفاء المشدّد" للأرباح، والترويج لما وصفته بـ "سياحة احتلال"، وذلك عبر نشر إعلانات عن أماكن إقامة في المستوطنات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية المحتلة.
كما أفادت الشكوى، التي قدمها المحامي باتريك بودوان، بأن الشركتين، من خلال خدماتهما، تسمحان وتسهّلان، بشكل مباشر وغير مباشر، بإنشاء وتوسيع المستوطنات، إضافة إلى انهما تجنيان أرباحاً هائلة، وتساهمان في مساعدة الخطة "الإسرائيلية" المنظّمة للاستيطان والقضاء على السكان الفلسطينيين.
وقد جاءت هذه الشكوى في أعقاب إعلان موقع "بوكينغ دوت كوم"، ومقره هولندا، عن تطبيق سياسة جديدة بشأن المناطق الآمنة، حيث بدأ الموقع بنشر تحذيرات للعملاء الباحثين عن أماكن إقامة في الضفة الغربية المحتلة، التي أظهرت للمستخدم رسالة تنص على مراجعة نصائح السفر الحكومية لاتخاذ قرار حكيم بشأن الإقامة في هذا القطاع الذي يمكن اعتباره متضرراً من النزاع، وذلك عند البحث عن أماكن إقامة سواء في البلدات الفلسطينية أو المستوطنات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967.
ومن الجدير بالذكر أن هذا التعديل لم يشمل القدس الشرقية أو هضبة الجولان، وهما منطقتان تحتلهما إسرائيل أيضاً.
وعلى إثر ذلك، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يائير لبيد هذا التعديل بمثابة الانتصار المهم في المعركة ضد نزع الشرعية، موجهاً الشكر للمنصة على الحوار الهادئ والفعال.
وفي المقابل، أشادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" للعملاء بإبلاغهم بأنهم يستأجرون منازل في أراضٍ محتلة، إلا أن مدير المنظمة في فلسطين، عمر شاكر، طالب بضرورة إزالة جميع أماكن الإقامة في المستوطنات الإسرائيلية "غير القانونية" بالكامل من موقع "بوكينغ دوت كوم"، معتبراً أنها مساهمات في انتهاكات حقوقية خطيرة.
أما فيما يخص منصة "إير بي أن بي"، فقد أعلنت عام 2019 عن وقف نشاطها في المستوطنات الإسرائيلية بالضفّة الغربية المحتلّة، لكنها عدلت عن قرارها لاحقاً، حيث أعلنت عن عدم إزالة جميع أماكن الإقامة في المستوطنات غير القانونية، وذلك تبعاً لدعوى جماعية رفعها محامون إسرائيليون.
في هذا السياق، أدان الباحث في برنامج الأعمال وحقوق الإنسان في منظمة العفو الدولية، مارك دوميت، هذا القرار، واصفا إياه بالتنصل المخجل من المسؤولية، كشركة تحترم القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتابع دوميت قائلا أن الشركة بهذه الخطوة، تساهم في مساعد تعزيز اقتصاد الاستيطان، إضافة للحفاظ على المستوطنات غير القانونية وتوسيعها، حيث يعد ذلك انتهاكاً لاتفاقيات جنيف، وجريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مشيراً إلى أن الشركة تتهرب من مواجهة الوضع بتجاهل الأدلة الصارخة على أنها تساعد في تأجيج الانتهاكات.