التحرّر من سيطرة عمالقة التكنولوجيا

لقد وقَّعت للتو عقدًا لشراء سيارة جديدة! السيارة أصبحت ملكك الآن! ولكن بينما تستعد للركوب فيها، يأتي مندوب المبيعات ويبدأ في لصق إعلان لمنتج "فيري ليكويد" على زجاجك الأمامي. فتقول: "مهلاً، ماذا تفعل؟ هذه سيارتي!". فيرد المندوب: "آه، نعم آسف، العقد الذي وقَّعت عليه ينص على أننا نملك الحق في وضع أي إعلانات نريدها على نافذتك. والإعلانات التي يمكننا وضعها تتراوح من سلع التسوق إلى التصويت لمرشح معيّن".
هذه المقاربة تمثِّل تشبيهاً دقيقاً لكيفية استخدام شركات مثل مايكروسوفت وغوغل وميتا (فيسبوك/إنستغرام) وغيرها لبياناتك.
هل سمعت بالمقولة الشهيرة: إذا كان الشيء مجانياً أو رخيصاً، فأنت المنتج؟
سأستخدم فيسبوك كمثال في النقاش الذاتي التالي، لكن المبادئ نفسها تنطبق على غوغل ومايكروسوفت وغيرهما.
ما الضرر في استخدامي فيسبوك مجاناً؟ كل ما عليَّ تحمله هو بضع إعلانات
في البداية، بدأ الأمر ببضع إعلانات عن منتجات تهمك، لكن هذا الأمر توسع ليخلق ملفاً عنك كمستخدم على الإنترنت، وبناءً على هذه المعلومات، أصبح بإمكانهم الآن تخصيص رسائل سياسية معينة للتأثير على رأيك وجعلك تصوّت لمرشح محدّد. لنأخذ مثالاً: لو بحثت عن فيتامينات ما قبل الولادة، ستصنفك فيسبوك على أنك "والد مُتوقّع"، وقد تستخدم حملة سياسية هذا الملف لاحقاً لعرض إعلانات تدَّعي زوراً أن خصمهم السياسي يخطط لخفض تمويل الرعاية الصحية للأطفال.
ولكن لماذا قد تريد فيسبوك أو غيرها من شركات التكنولوجيا الكبرى فعل ذلك!؟
فيسبوك هي شركة مثل أي شركة أخرى تهتم بمصالحها وأرباحها الخاصة. تمتلك فيسبوك حصة سوقية هائلة في مجال البحث والإعلان والبيانات، وتواجه تدقيقاً مستمراً من الحكومات في ما يتعلق بقوانين مكافحة الاحتكار، وتشريعات خصوصية البيانات، وجهود التفكيك المحتملة. ومن خلال دعم المرشحين الذين يميلون إلى تبني نهج تنظيمي متساهل أو الذين يشاركون رؤية معينة لصناعة التكنولوجيا، يمكن لفيسبوك أن تشكل بنشاط بيئة سياسية وقانونية تسمح لنهج عملها بالاستمرار بأقل قدر من التدخل الحكومي.
وبينما كانت القطاعات التقليدية مثل النفط والغاز والفحم تاريخياً محورية للثروة والقوة الوطنية، فإن نفوذها محدود بطبيعته. في المقابل، لا يولّد قطاع التكنولوجيا إيرادات ضخمة فحسب، بل يتمتع أيضاً بنفوذ واسع من خلال وصوله العالمي وسيطرته على المعلومات.
ماذا يمكننا أن نفعل... شركات التكنولوجيا الكبرى موجودة في كل مكان... لا يمكنني ببساطة إيقاف التكنولوجيا والاختباء!
أنت محق! السبب الذي جعلني شخصياً أدخل إلى عالم التكنولوجيا هو حبي للجانب الإبداعي فيها! بناء الآلات وترقية القطع وبرمجة أفكار المنتجات إلى حلول عملية تساعد الناس، إلخ. وخلال السنوات الخمس الماضية من مسيرتي المهنية، كنت أساعد مشاركين يعانون من حالات طبية معينة على المشاركة في تجارب جينية لشركة ناشئة في مجال تكنولوجيا الصحة في كامبريدج. فمن الرائع استخدام التكنولوجيا في الخير!
الخبر السار هو أن لديك خيارات أكثر مما تتصوّر. الكثير من هذه البدائل لا تحظى بالاهتمام لأنها تفتقر إلى ميزانيات إعلانية ضخمة، أو لأن شركات التكنولوجيا الكبرى تعمل بجد لقمع المنافسة أو "شرائها". وبينما يمكن بيع البرمجيات مفتوحة المصدر تقنياً، فإن تراخيصها تضمن أن الكود نفسه يظل مجانياً للاستخدام والمشاركة والتعديل. وهنا تأتي البدائل مفتوحة المصدر: فهي مصمّمة لتبقى مفتورة ومشفرة ومستقلة عن السيطرة الشركاتية.
انتظر لحظة... لقد قلت للتو إن المجاني سيء لأنني أصبح المنتج
مطوّرو البرمجيات مفتوحة المصدر هم أفراد يبنون البرامج في وقتهم الخاص، مدفوعين بالشغف وليس الربح. فكّر بهم كما لو كانوا نظيراً رقمياً للمتطوّعين في متجر خيري مجتمعي، أناس يمنحون مهاراتهم مجاناً لمساعدة الآخرين. بدافع من الفضول والتعاون والرغبة في جعل التكنولوجيا في متناول الجميع، قدّم هؤلاء المبدعون بسخاء عدداً لا يحصى من الساعات لمجتمع التكنولوجيا. وغالباً ما أصبحت مشاريعهم بدائل قوية وموثوقة للمنتجات التي تقدمها شركات التكنولوجيا الكبرى. والكود مفتوح لأي شخص لفحصه وهم لا يستهدفون المستخدمين بالإعلانات.
على مدار سلسلة المقالات المرتبطة القادمة، سأقدم خيارات بديلة لكل منصة شائعة تشمل:
🧠 الإنتاجية والعمل: مايكروسوفت وورد/إكسل، غوغل درايف، غوغل كيب، غوغل كالندر، غوغل ترانسليت، غوغل كروم...
🖥️ أنظمة التشغيل: ويندوز وماك
🌐 التواصل والاجتماعي: فيسبوك، إنستغرام، يوتيوب، X (تويتر سابقاً)...
🤖 الذكاء الاصطناعي والمساعدات: ChatGPT، Gemini ...
🗺️ الملاحة والأدوات: غوغل مابس، واز...
أهم ما أود مشاركته معك هنا هو متعة الرحلة في استكشاف وخيارات مختلفة وتجربتها للعثور على ما يناسب احتياجاتك الشخصية بشكل أفضل!
(الكاتب: حمزة الحسيني هو عالم كمبيوتر ومهندس برمجيات ويب مقيم في كامبريدج، يتمتع بخبرة تزيد عن 20 عامًا. شغوف ببرامج المصدر المفتوح وأجهزة الكمبيوتر والخصوصية الرقمية، كما يهتم بدور التكنولوجيا المتزايد في الحياة السياسية والعامة).