الطلاق بلبنان عم يتطوّر من حالة فردية لظاهرة اجتماعية

عم يشهد لبنان زيادة كبيرة بحالات الطلاق مقارنة بالسنين الماضية بين 2009 و2024. ووفق أرقام وزارة الداخلية، السنة الماضية تسجّل 6,894 حالة طلاق، وكانت محافظة الشمال بالمرتبة الأولى اللي سجلت 1,348 حالة، من بعدها محافظة جبل لبنان بـ 1,072 حالة، وأقل نسبة كانت بالبقاع.
الخبراء بيشوفوا إنو السبب ورا هالإرتفاع بيرجع لعوامل إقتصادية وإجتماعية متشابكة. من الناحية المعيشية، الوضع الصعب ضغط كتير على الناس، المدخول نزل، الشغل خفّ، الأسعار طالعة، والهمّ كل يوم عم يزيد، ومع كل هيدا في خوف مستمر من بكرا.
غير هيك، قصص كانت تنحسب كماليات صارت اليوم أساس بكل بيت، مثل التلفون، الإنترنت، الاشتراكات، الكهرباء، الموتيرات، وحتى السيارة واللبس والعناية الشخصية. كل هالعناصر صارت عبء إضافي على العيلة. التلفون مثلاً ما عاد بس للتسلية، صار وسيلة شغل وتواصل ودراسة. والإنترنت صار من ضرورات الحياة اليومية، بدونه ما فيك تخلّص معاملاتك، تتعلّم، أو حتى تشتري غراضك. وفوق كل شي، الإشتراكات الشهرية من إنترنت ومنصّات ترفيه وتطبيقات شغل صارت بتكلف مصاري زيادة عالميزانية.
الكهربا كمان ما بقا وجودها مضمون، فصار لازم كل عيلة يكون عندها إشتراك موتيرات أو بطاريات، يعني مصروف ثابت كل شهر.
النقل العام الضعيف خلاّ السيارة تصير ضرورية، مش ترف. وحتى المظهر صار في عليه ضغط إجتماعي، الكل بده يبين مرتّب و"ع الموضة"، فهالشي خلى المصروف يكبر أكتر.
كل هالضغوط حمّلت العيلة أعباء فوق طاقتها، وصار صعب تفرّق بين شو ضروري وشو زيادة، لأنو بالنهاية "الزيادة" صارت ضرورة متل غيرها.
من الجهة الإجتماعية، التغيّر بالقيم ونمط الحياة كمان إلو أثر واضح. السوشيال ميديا قلَبت شكل العلاقات، وغيّرت الأدوار بين الزوج والزوجة. قبل كانت العلاقة مبنيّة على وضوح وتفاهم، اليوم مع الإنفتاح والتأثر بالحياة الغربية صار في إعادة نظر بكل المفاهيم.
الزوجة صارت تشتغل، وتطالب بحقها بالقرار والإستقلال المادي، بينما كتير من الأزواج بعدن متمسّكين بالنمط القديم يلي بيعتبر الرجل المعيل الوحيد. هالإختلاف بالتوقّعات عم يخلق توتر ومشاكل يومية.
السوشيال ميديا كمان، زادت المقارنة بين الناس، فصار كل طرف يحسّ حاله مقصّر أو إنو شريكه مش متل غيره، وهيدا الشي ولّد إحباط وعدم رضا. وفوق هالشي، الوقت الطويل عالإنترنت خفّف التواصل الحقيقي داخل البيت، وخلّا الشعور بالإهمال والعزلة يزيد.
وبيوضح أستاذ علم الاجتماع بالجامعة اللبنانية الدكتور فادي عقيقي إنه الأزمة الإقتصادية المستمرة من كذا سنة إنعكست مباشرةً على العلاقات الزوجية. الضغط اليومي والبطالة وغلاء المعيشة خلو الأزواج تحت ضغط خانق، ولما ما بقى في قدرة عالتحمّل، صار الطلاق بالنسبة للبعض الحلّ الأسهل.
وبيضيف إنه التحوّلات الإجتماعية كمان كان إلها أثر، خصوصاً إنه المرأة اليوم صارت أجرأ وأكتر إستقلالية، وقراراتها بالزواج أو الإنفصال صارت مبنيّة على وعي ومسؤولية أكتر.
أما المتخصصة بالعلاج الأسري الدكتورة لارا عبد المسيح، فبتقول إنه كتير من الأزواج بيعانوا من ضعف بالحوار، وما بيعرفوا كيف يناقشوا خلافاتهم بطريقة ناضجة. الضغط اليومي بيكشف هشاشة التواصل، وبدل ما يحكوا ويفضّوا قلبهم لبعض، بيسكتوا وبيخزّنوا الزعل ليوصلوا بالنهاية للإنفصال.
وبتشدّد عبد المسيح على ضرورة التدخل المبكر قبل ما يوصلوا لهالمرحلة، من خلال جلسات إرشاد أو دعم نفسي، لأنو كتير من القصص بتنحل إذا في نية ووعي من الطرفين.
بالنهاية، الطلاق بلبنان ما بقى حالة فردية، صار ظاهرة عم تهدد المجتمع، وبتحتاج لتحرّك سريع من الدولة والمؤسسات الأهلية قبل ما تكبر أكتر. الدولة لازم تشتغل على سياسات دعم إجتماعي وإقتصادي تخفّف الضغط عن الأزواج، متل خلق فرص شغل، دعم السكن، وتقديم مساعدات للعائلات ذات الدخل المحدود. كمان لازم يتوفّر برامج إرشاد نفسي وأسري مجاني بالمناطق، ليساعدوا الأزواج يحلّوا مشاكلن قبل ما تتفاقم.
أما الجمعيات والمؤسسات الأهلية، فدورها بنشر ثقافة الحوار والتفاهم، من خلال ورش وندوات وحملات توعوية عن أهمية التواصل وكيفية التعامل مع الضغوط اليومية. والمدارس والجامعات كمان عندها دور، من خلال إدخال مفاهيم التربية الأسرية والعلاقات الصحية بالمناهج، حتى الجيل الجديد يكبر على وعي أكتر ببناء أسرة متوازنة ومستقرة.