Contact Us
Ektisadi.com
تعليم وثقافة

ضعف المكتبة العربية في مجال الروايات الخيالية أزمة حقيقية

IMG_9798

تُعدّ الرواية الخيالية أحد أبرز أشكال الأدب التي تحفّز الخيال وتفتح آفاق التفكير، وقد حققت إنتشارًا واسعًا عالميًا، خاصة في الأدب الغربي، من خلال أعمال مثل هاري بوتر وسيد الخواتم وأغنية الجليد والنار. ومع ذلك، تبدو المكتبة العربية فقيرة إلى حد كبير في هذا النوع الأدبي، سواء من حيث الإنتاج أو التلقي، ما يطرح تساؤلات حول أسباب هذا الضعف وتداعياته على الثقافة العربية الحديثة.

أحد الأسباب الرئيسة لهذا الضعف هو النظرة التقليدية السائدة في الأوساط الأدبية العربية، التي طالما فضّلت الواقعية والتاريخية على الخيال والمجاز. فقد إرتبط الأدب العربي منذ النهضة بالوظيفة التوعوية أو القومية أو الدينية، مما جعل الكثير من الكتّاب ينصرفون عن كتابة الرواية الخيالية بإعتبارها “ترفًا” لا يليق بالمجتمعات التي تعاني من أزمات واقعية متراكمة. هذه النظرة تسببت في حرمان القارئ العربي من التنوّع الأدبي، ومن أدوات الهروب الإبداعي التي توفرها الروايات الخيالية.

يواجه كتّاب الخيال العربي صعوبات في النشر والتوزيع. فدور النشر عادة ما تفضّل الروايات ذات الطابع الواقعي أو الرائج تجاريًا، مما يجعل المؤلفين الشباب الذين يكتبون في مجال الخيال العلمي أو الفانتازيا يواجهون عقبات في الوصول إلى جمهورهم. بل إن العديد من القراء أنفسهم لا يزالون يُبدون تشككًا في هذا النوع من الأدب، باعتباره غريبًا عن الثقافة العربية، رغم أن تراثنا زاخر بالحكايات الخيالية مثل ألف ليلة وليلة.

ولا يمكن تجاهل دور غياب الدعم المؤسسي والثقافي لتطوير هذا النوع الأدبي. فقلة الجوائز الأدبية المتخصصة، وانعدام الورش والبرامج التي تعلّم كتابة الفانتازيا والخيال العلمي، ساهمت في بقاء الرواية الخيالية العربية في دائرة الهواة، بدلاً من الارتقاء بها إلى مرحلة الأعمال الأدبية الجادة.

إن ضعف المكتبة العربية في الروايات الخيالية لا يعني غياب المبادرات الفردية، فهناك محاولات جادة بدأت بالظهور في السنوات الأخيرة، من قبل كُتّاب شباب يسعون لإحياء هذا اللون الأدبي،مثل أسامة المسلم، أحمد الحمدان، عمرو عبد الحميد و غيرهم. معتمدين على المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي. إلا أن هذه الجهود ما زالت بحاجة إلى دعم نقدي وجماهيري.

إن تعزيز حضور الرواية الخيالية في المكتبة العربية لا يقتصر على دعم الكتّاب فقط، بل يتطلب إعادة نظر في المنظومة الثقافية بأكملها، من التعليم إلى الإعلام، ومن النقد إلى النشر. لأن الرواية الخيالية ليست مجرد هروب من الواقع، بل وسيلة لفهمه وإعادة تشكيله بعيون أكثر تحررًا وابتكارًا.