مقاومة الإنسولين: رحلة تبدأ من نمط الحياة وتنتهي بمضاعفات يمكن الوقاية منها

يُعَدُّ الإنسولين أحدَ أهمِّ الهرمونات في جسم الإنسان، إذ يتجاوز دوره كونه منظِّمًا لمستوى السكر في الدم فحسب، فهو هرمونٌ يفرزه البنكرياس ليعمل كمفتاحٍ يسمح بدخول الغلوكوز إلى خلايا الجسم، حيث يُستخدَم كمصدرٍ أساسيٍّ للطاقة. وبهذا يؤدي الإنسولين دورًا محوريًّا في الحفاظ على التوازن الحيوي والصحي للإنسان.
يستمدّ الجسم الغلوكوز من الطعام، كما يقوم الكبد بإنتاجه عند الحاجة، ولا سيّما في فترات الصيام. وبعد تناول الطعام وارتفاع مستوى السكر في الدم، يستجيب البنكرياس بإفراز الإنسولين الذي يعمل على إعادة مستويات الغلوكوز إلى المعدّل الطبيعي، مانعًا تراكمه في الدم.
مقاومة الإنسولين ومقدمات السكري
تحدث مقاومة الإنسولين عندما تفقد خلايا الجسم قدرتها على الاستجابة الفعّالة لهذا الهرمون، ما يجعل امتصاص الغلوكوز من الدم أكثر صعوبة. ونتيجة لذلك، يضطر البنكرياس إلى إفراز كمياتٍ أكبر من الإنسولين في محاولةٍ للحفاظ على توازن مستوى السكر في الدم.
أما مقدمات السكري فهي مرحلةٌ وسطية ترتفع فيها مستويات الغلوكوز عن الحد الطبيعي، لكنها لا تصل إلى درجة الإصابة بداء السكري من النوع الثاني. ووفقًا لـ المعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى (NIDDK)، فإن هذه الحالة غالبًا ما تنجم عن مقاومة الإنسولين أو عن ضعف في خلايا بيتا المسؤولة عن إنتاجه في البنكرياس، مما يؤدي إلى تراكم الغلوكوز في الدم بدلاً من دخوله إلى الخلايا. ومع مرور الوقت، يمكن أن تتطور هذه الحالة إلى السكري من النوع الثاني إن لم تُتَّخذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
الأسباب والعوامل المؤثرة
لا تزال الأسباب الدقيقة لمقاومة الإنسولين ومقدمات السكري غير مفهومة تمامًا، غير أن الدراسات تُجمِع على أن الوزن الزائد والخمول البدني من أبرز العوامل المساهمة في حدوثهما.
فالسمنة، ولا سيّما تراكم الدهون الحشوية حول البطن والأعضاء الداخلية، تُعدّ من العوامل الأساسية التي تُضعِف استجابة الجسم للإنسولين حتى لدى الأشخاص الذين يتمتعون بوزنٍ طبيعيٍّ ظاهريًا. وتشير الأبحاث إلى أنّ هذه الدهون تفرز مواد التهابية تؤثر سلبًا في قدرة الجسم على استخدام الإنسولين بكفاءة.
كما يُعدّ نقص النشاط البدني عاملًا آخر يزيد من خطر مقاومة الإنسولين، في حين أنّ ممارسة الرياضة بانتظام تساعد على تحسين استجابة الخلايا للهرمون وتنظيم مستويات الغلوكوز في الدم، مما يساهم في الحفاظ على توازن الجسم الأيضي والصحي بشكل عام.
كما تلعب العوامل الوراثية دوراً كبيراً في زيادة إحتمالية الإصابة بمرض السكري.
العلاج والوقاية: رحلة تبدأ بخطوات صغيرة
يمكن للنشاط البدني المنتظم وفقدان الوزن أن يساعدا الجسم على تحسين استجابته للإنسولين. وأظهرت دراسات ممولة من المعاهد الوطنية للصحة أن فقدان 5% إلى 7% من الوزن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالسكري لدى الأشخاص المعرّضين له.
وتشمل الخطوات العملية للوقاية أو العلاج ما يلي:
• تناول أطعمة ومشروبات مغذية ومتوازنة.
• ممارسة النشاط البدني بانتظام.
• الحفاظ على وزن صحي.
• الحصول على قسط كافٍ من النوم.
ورغم أن تبنّي نمط حياة صحي قد يبدو صعبًا في البداية، إلا أن البدء بخطوات بسيطة وطلب الدعم من العائلة أو مقدمي الرعاية الصحية يمكن أن يجعل المهمة أسهل. كما أن وضع خطة واضحة لمتابعة التقدّم والمشاركة في برامج تغيير نمط الحياة يساعد على تحقيق نتائج أفضل واستمرار الالتزام بها.