Contact Us
اقتصاد

ماكرون يقود خطة 109 مليار يورو لتعزيز “السيادة الرقمية” الأوروبية

78395911-8E6B-4EAB-9483-F1A03B6597A7

تتحرك أوروبا بسرعة غير مسبوقة لضمان استقلالها في مجال الذكاء الاصطناعي، في ظل مخاوف متزايدة من تحولها إلى “مستعمرة تكنولوجية” خاضعة لهيمنة الشركات الأمريكية العملاقة مثل Nvidia وMicrosoft وOpenAI.

وتستثمر حكومات وشركات أوروبية مليارات اليوروهات في مراكز بيانات وشركات ناشئة محلية لتقليص الاعتماد على الخارج، وسط قلق من أن تؤدي الأزمات التجارية أو السياسية مثل احتمال عودة دونالد ترامب إلى الحكم إلى تقويض أمنها الرقمي وفق بلومبيرغ.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يقود الجهود الأوروبية في هذا الاتجاه، بإطلاق خطة بقيمة 109 مليارات يورو لتطوير مراكز بيانات ومعدات رقمية محلية. فيما أعلنت شركات مثل SAP الألمانية وASML الهولندية عن استثمارات بمليارات إضافية لدعم ما يُعرف بـ”الذكاء الاصطناعي السيادي” داخل القارة حسب ما ذكرته بلومبيرغ.

و اضافة الوكالة ان رغم هذا الزخم، لا تزال الفجوة كبيرة بين أوروبا والولايات المتحدة. فالشركات الأمريكية الكبرى تخطط لإنفاق أكثر من 344 مليار دولار على الذكاء الاصطناعي هذا العام، في حين أن إجمالي الاستثمارات الأوروبية لا يتجاوز هذا المبلغ بأقل من 100 مليار دولار. كما تفتقر القارة إلى شركات بحجم مالي وتقني يمكّنها من منافسة عمالقة وادي السيليكون.

في المقابل، بدأت شركات ناشئة أوروبية تحاول كسر هذا الاحتكار. فقد جمعت شركة Mistral الفرنسية تمويلًا بقيمة 11.7 مليار يورو لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي محلية، بينما وقّعت Nebius الهولندية عقدًا مع Microsoft بقيمة 19 مليار دولار، ودخلت Black Forest Labs الألمانية في شراكة مع xAI التابعة لإيلون ماسك وMeta.

رغم ذلك، لا تزال العديد من هذه المشاريع تعتمد على التقنيات الأمريكية نفسها. فشركة Pigment الفرنسية، التي تقدم أدوات مالية بالذكاء الاصطناعي لمنافسة Microsoft Excel، تستخدم نماذج OpenAI في منتجاتها، ما يعكس التحدي الذي تواجهه أوروبا بين الطموح بالسيادة التقنية والاعتماد الفعلي على الخارج وفق بلومبيرغ.

المخاوف السياسية تزيد الموقف تعقيدًا. فـ قانون السحابة الأمريكي (Cloud Act) يمنح واشنطن الحق في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأجانب، وهو ما أثار قلقًا في الأوساط الأوروبية بعد تصريح لمسؤول في Microsoft أمام مجلس الشيوخ الفرنسي بأنه “لا يمكن ضمان حماية بيانات المواطنين الفرنسيين إذا طلبتها الحكومة الأمريكية” حسب بلومبيرغ.

هذه التطورات دفعت نوابًا أوروبيين، مثل النائبة الألمانية ألكسندرا غيزي، إلى المطالبة بتشريعات تُجبر المؤسسات الأوروبية على استخدام خدمات محلية، حتى وإن كانت أقل تطورًا. وقالت غيزي:“الاعتماد المفرط على الشركات الأمريكية جعل أوروبا بلا قوة تفاوضية حقيقية… نحن أشبه بمستعمرة تكنولوجية.”

وفي الوقت الذي تسعى فيه أوروبا لبناء “سيادتها الرقمية”، يرى محللون أن القارة تكرر أخطاءها السابقة في مجالات الإنترنت والتجارة الإلكترونية والهواتف الذكية، وقد تجد نفسها مرة أخرى متأخرة عن الثورة التكنولوجية العالمية رغم محاولاتها الحثيثة للحاق بالركب.

شارك المقال