حِيَل لتتفوّق في الامتحانات... كيف تدرس بذكاء؟

إليك 10حِيَل ذكيّة لتتفوّق في الامتحانات، بيروت، 14 تشرين الأوّل 2025 (sofac)
في كلّ موسم امتحانات، تتكرّر المشاهد ذاتها في أروقة الجامعات والمدارس. طلّاب يسهرون حتّى الفجر، أوراق مُبعثرة، وعيون يثقلها التّعب والقلق. غير أنّ التّفوّق لا يُقاس بعدد السّاعات الّتي نقضيها أمام الكتب، بل بمدى قدرتنا على إدارة الوقت والفكرمعًا. فالدّراسة النّاجحة ليست معركة مع الورق، بل توازن بين العقل والإرادة، وبين الجهد الذّكي والعمل المُنظّم.
أول ما يحتاجه الطّالب هو أن يبدأ من عقله، فيحدّد هدفه من كلّ جلسة دراسة، ويعرف ما الّذي يريد إنجازه تحديدًا. فوضوح الهدف يُحوّل القراءة من عادة آليّة إلى عمليّة واعية ومثمرة. وحين يضع الطّالب خطّته اليوميّة، عليه أن يتجنّب المثاليّة المفرطة، فالجداول المرهقة لا تُنجز، بل تُثقل الذّهن وتشعل القلق. الأفضل أن تكون الخطّة مرنة، مقسّمة على فترات قصيرة تليها استراحات ذهنيّة تسمح للعقل بالتّجدّد واستعادة التركيز.
ولأن طرق التّعلّم تختلف بين شخص وآخر، فإنّ معرفة الطّالب بأسلوبه الخاص في الدّراسة تُعدّ مفتاحًا للتّفوّق. فالبعض يتعلّم بالكتابة، وآخرون بالاستماع أو عبر الخرائط الذّهنيّة أو الشّرح الشّفوي. المهم أن يتحوّل الدّرس إلى تجربة حيويّة لا إلى تلقين ممل. وعندها يصبح الفهم أعمق من الحفظ، إذ إنّ الحفظ الآلي سرعان ما ينهار أمام الأسئلة غير المباشرة، بينما الفهم الحقيقي يمنح الطّالب قدرة على التّحليل والمقارنة والاستنتاج. لذلك، من الضّروري أن يدرّب الطّالب نفسه على السّؤال: لماذا؟ وكيف؟ لا أن يكتفي بما هو مكتوب أمامه.
وفي خضم هذه العمليّة، تبرز أهمّيّة إدارة الوقت بطريقة ذكيّة. فالعقل لا يستطيع التّركيز لساعات طويلة متواصلة. من المفيد اعتماد تقنيّة "بومودورو" القائمة على الدّراسة المركّزة لمدة خمسٍ وعشرين دقيقة تليها استراحة قصيرة، وهي طريقة أثبتت فعاليتها في رفع مستوى الانتباه ومنع الإرهاق. كما أنّ تنظيم البيئة المحيطة بالدّراسة لا يقل أهمّيّة عن تنظيم الوقت، فالفوضى البصريّة تولّد فوضى ذهنيّة. مكتب خالٍ من الملهيات، ضوء كافٍ، مقعد مريح، وهاتف صامت، جميعها عناصر بسيطة لكنها ترفع كفاءة الأداء بشكل ملحوظ.
ولا يمكن الحديث عن الدّراسة دون التّطرّق إلى الذّاكرة وأساليب تنشيطها. فالدّماغ يحبّ الصّور والرّوابط أكثر من الكلمات الجافّة. يمكن تحويل المفاهيم إلى قصص أو ألوان أو رموز ذهنيّة، ممّا يجعل استرجاعها أسهل وأسرع في قاعة الامتحان. كما أنّ الاختبار الذّاتي قبل موعد الامتحان الحقيقي يمنح الطّالب ثقة ويكشف له مواطن الضّعف التي تحتاج إلى مراجعة إضافيّة. فالتّدريب على نماذج الأسئلة السّابقة يشبه التّمرين قبل السباق؛ يجعلك جاهزًا للمنافسة بثقة وهدوء.
أمّا الجسد، فهو رفيق العقل في هذه الرّحلة. لا يمكن لعقلٍ مرهق أو جسدٍ منهك أن ينتج أداءً فعّالًا. النّوم الكافي والغذاء المتوازن وشرب الماء بانتظام ليست كماليّات، بل شروط أساسيّة لترسيخ المعلومات في الذّاكرة الطّويلة. إنّ الجسم السّليم هو البيئة الّتي ينمو فيها التّركيز، كما تنمو الفكرة في بيئة من الهدوء.
وفي ختام هذه الرحلة، يجب أن يتذكّر كلّ طالب أنّ الامتحان مرحلة لا نهاية، وأنّ الخوف من النّتيجة يعيق الفهم أكثر ممّا يحفّزه. التّفوّق الحقيقي ليس في جمع الدّرجات، بل في اكتساب مهارة التّعلّم الذّاتي، وفي بناء عقلٍ منظّمٍ قادرٍ على إدارة المعرفة بذكاء ومرونة. فالنّجاح ليس صدفة، ولا هبة فطريّة، بل ثمرة وعيٍ واستمرارٍ وإيمانٍ بأنّ الجهد المتّزن هو الطّريق الأقصر إلى الإنجاز.
وعليه، لستَ بحاجةٍ لأن تعمل أكثر، بل لأن تعمل بذكاء. فالعقل الهادئ أقوى من القلب المرتبك، والطّالب الّذي يعرف كيف يوازن بين الرّاحة والعمل، بين الفهم والحفظ، وبين الطّموح والواقعيّة، هو وحده من يحوّل موسم الامتحانات من كابوسٍ مرهق إلى فرصةٍ للتّفوّق والنّضج.