بين الذعر والتعافي الحذر... هبوط كبير في سوق العملات المشفرة

تشهد أسواق العملات المشفّرة هذا الأسبوع اضطرابًا لافتًا، إذ تسبّب إعلان مفاجئ بشأن الرسوم الجمركية في موجة بيع حادّة أدّت إلى تصفية نحو 19 مليار دولار من المراكز الرافعة، وهو رقم قياسي في تاريخ السوق.
في أعقاب ذلك، بدأت بعض العملات الكبرى تتعافى جزئيًا، لكن الأجواء لا تزال مشحونة بالحذر والتقلب. فبيتكوين (BTC) تسجّل حاليًا حوالي 113,494 دولارًا، بانخفاض نسبي عن ذروة التداولات الأخيرة. كما تسجّل إثيريوم (ETH) نحو 4,148.88 دولارًا، مع تذبذبات كبيرة خلال الجلسات الماضية.
وتضرّرت العملات البديلة (altcoins) بدرجة أكبر خلال الهبوط، بعضُها انخفض بنسبة تراوح بين 30 و40% خلال دقائق حسب مؤشرات عدة.
وبالرغم من ذلك، شهد يوم الاثنين بعض التعافي، إذ ارتدت أسعار بيتكوين وإثيريوم وبعض العملات البديلة من القيعان التي بلّغتها.
على مستوى المؤشرات الفنية تُشير إلى مستويات دعم ومقاومة حرجة. فمستوى الدعم الرئيسي لبيتكوين يُقدَّر بنحو 107 آلاف دولار، وإذا فُتِح، قد يشكّل ضغطًا نحو مزيد من الهبوط. أما من جهة حد المقاومة، فيراقب بعض المتداولين حاجز 123 ألف دولار كمفتاح لانتعاش أقوى في حال تخطّيه.
وقد تحوّلت بيئة السيولة إلى ضيقة، حيث سحب كبار مزوّدي السيولة (market makers) أنفسهم من الأسواق الآجلة لتقليل المخاطر، ما أدّى إلى تنفيذ أوامر التصفية الإلزامية (auto-deleveraging).
ويُلاحظ تزايد الرهانات الوقائية (Puts) في سوق الخيارات، إذ يحجز المتداولون مراكز "بيع" تأمينية على بيتكوين وإثيريوم لاستعداد لاحتمال هبوط إضافي، خاصة على آجال أكتوبر ونهاية العام.
شكوك حول طبيعة التراجع: هل كان مخططًا؟
يشير تحليل بيانات السلسلة (on-chain) إلى احتمال أن الانهيار لم يكن رد فعل عشوائي، بل جزءًا من هجوم منسّق أو استغلال آليات في العقود الذكية أو الأوراق المالية الرقمية، وفقًا لما أوردت سي إن إن.
ويحذّر بعض المحلّلين مثل جو كروغر (Joel Kruger) ونِك فورستر (Nick Forster) من أن السوق لا يزال هشًا، وأن أي إشاعة سلبية أو ضغوط خارجية يمكنها إشعال موجة جديدة من المبيعات، حسب ما نقلت عنهما خدمة "ماركت ووتش" (MarketWatch).
ومن الناحية الفنية، يمكن رصد نمط "تريبل-توب" (Triple-Top) على بعض المخططات البيانية لبيتكوين، مما يشير إلى ضعف الزخم الصعودي، تبعًا لما تشير إليه "إنفستوبيديا" (Investopedia)، علمًا أن هذا النمط هو عبارة عن تشكيل بياني يظهر عندما يرتفع السعر إلى مستوى مقاومة محدّد ثلاث مرات متتالية، أو عندما يفشل في تجاوزه في كل مرة، ثم ينكسر السعر إلى أسفل خط الدعم الذي يفصل القمم عن القيعان السابقة.
ورغم ذلك، يرى بعض المحلّلين مثل ويلي وو (Willy Woo) أن تدفقات المستثمرين في بيتكوين لا تزال متماسكة، وهو عامل قد يساهم في امتصاص الصدمات المحتملة، حسب رويترز. وثمة تحذيرات أخرى تُشير إلى مخاطر السيولة في صناديق المؤشرات المتداولة الرقمية (ETFs)، خصوصًا إذا استمرت عمليات سحب المفاجئة، تبعًا لما أوردت "إيه إنفست" (AInvest).
بالإجمال، يمكن القول إن السوق الرقمي اليوم عند مفترق طرق. فإذا تمكّنت بيتكوين من المحافظة على مستوى دعم قريب من 107 آلاف دولار والصعود فوق مستويات المقاومة عند حدود 123 ألفًا، فقد تشهد موجة صعود مؤقتة.
لكن في حال فشلت، فإن السيناريو السلبي قد يعيد الأسعار إلى مناطق أقل بكثير، فيما يبقى العامل الأهم هو ما ستفعله السيولة، وتصريحات التنظيمات الحكومية والاقتصاد العالمي، خصوصًا فيما يخص العلاقات التجارية الكبرى، مثل الأوضاع بين الولايات المتحدة والصين.