الرسوم الجمركية الأميركية تعيد رسم خريطة التجارة العالمية
باشرت آثار الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة على التجارة الدولية تظهر، حيث تسعى الحكومات والشركات إلى إعادة ترتيب تحالفاتها وتوسيع أسواقها لتجنب تكاليف الولايات المتحدة العالية. فاستوردت كندا سيارات أكثر من المكسيك مقارنة بالولايات المتحدة، وتجهل الصين مزارعي فول الصويا الأميركيين وتشتري من أميركا الجنوبية، فيما أعادت الهند والصين فتح الرحلات المباشرة وتجارة المعادن النادرة، منهين سنوات من العلاقات المجمدة.
وفقاُ لبلومبيرغ, الاقتصادات الصغيرة أيضًا تتكيف مع صعوبة الوصول إلى الأسواق الأميركية؛ فبيرو تبحث عن مشترين لمنتجاتها في آسيا، ولاسوتو تتحول نحو آسيا وأوروبا وبقية إفريقيا، فيما شكلت 14 دولة، منها نيوزيلندا وسنغافورة وسويسرا والإمارات، شراكة لتعزيز التجارة والاستثمار.
على الرغم من المخاوف من ركود عالمي بسبب الحرب التجارية، التجارة العالمية خارج الولايات المتحدة لا تزال صامدة بنسبة 85%، حيث عدلت منظمة التجارة العالمية توقعاتها لنمو تجارة البضائع في 2025 من 0.9% إلى 2.4%.
كما ان شركات الشحن والموانئ تراقب عن كثب التحولات في التجارة العالمية. فالصين، على سبيل المثال، تبحث عن أسواق بديلة في مواجهة الحواجز الأميركية، حيث انخفضت صادراتها إلى الولايات المتحدة بنسبة 33% في أغسطس، بينما ارتفعت إلى جنوب شرق آسيا بنسبة 23%، وإلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 10%، وإلى إفريقيا بنسبة 26%، مما يشير إلى استمرار تسجيل فائض تجاري قياسي يصل إلى 1.2 تريليون دولار هذا العام.
على صعيد الاتفاقيات، وفقاً لبلومبيرغ, تسعى المفوضية الأوروبية لتوسيع قائمة 76 شراكة تجارية، بما في ذلك اتفاقيات مع ميركوسور وإندونيسيا وأستراليا، لتسريع المفاوضات الطويلة وإتاحة فرص جديدة للتجارة.
ومع ذلك، حذر خبراء من أن التركيز على الاتفاقيات الثنائية والإقليمية قد يضع الاقتصادات الصغيرة تحت الضغط، خصوصًا الدول الأقل قوة اقتصاديًا مثل تيمور-ليستي، التي تأمل من عضويتها في منظمة التجارة العالمية تنويع اقتصادها المعتمد على النفط وفتح أسواق جديدة للقهوة والفانيليا والفواكه.
أما الشركات الأميركية، فقد بدأت تعيد التفكير في نموذج أعمالها؛ فبن كنبلر، صاحب شركة True Places في بنسلفانيا، توقف عن استيراد منتجاته إلى الولايات المتحدة بسبب الرسوم الجمركية العالية، ويبحث الآن عن عملاء في الخارج للحفاظ على شركته. وأشار ان الوضع غريب بعض الشيء، لكنه يفكر كشركة أميركية دون العمل داخل الولايات المتحدة."