Contact Us
Ektisadi.com
صحة وغذاء

سوق المكملات الرياضية يتجاوز 22 مليار دولار... و30% من المنتجات لا تخضع لفحوصات الجودة

IMG_9786

شهدت السنوات الأخيرة إرتفاعاً ملحوظاً في إستهلاك مكملات البروتين بين الرياضيين والهواة في النوادي الرياضية، إذ أشارت دراسة صادرة عن المجلة الدولية للتغذية الرياضية والتمارين الرياضية (International Journal of Sport Nutrition and Exercise Metabolism) عام 2023 إلى أن ما يقارب 59.1% من مستخدمي المكملات الغذائية يعتمدون على مسحوق البروتين كمصدر رئيسي للبروتين أثناء التدريب، ما يعكس ازدياد الطلب العالمي على هذه المنتجات وإرتفاع حجم سوق المكملات الرياضية الذي تجاوز 22 مليار دولار عام 2024 وفقاً لتقرير Statista الإقتصادي المتخصص.

من الناحية الصحية، أوضحت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن حاجة الإنسان العادي من البروتين لا تتجاوز في المتوسط 0.8 غرام لكل كيلوجرام من وزن الجسم يومياً، بينما توصي الكلية الأمريكية للطب الرياضي (ACSM) بزيادة الكمية إلى ما بين 1.2 و2.0 غرام لكل كيلوجرام للرياضيين المحترفين حسب شدة التدريب. إلا أن تجاوز هذه الكميات بشكل مفرط قد ينعكس سلباً على صحة الكلى والكبد، إذ أكدت دراسة منشورة في المجلة الأميركية لأمراض الكلى (American Journal of Kidney Diseases) عام 2022 أن الإفراط في تناول البروتين يسبب حالة تسمى فرط الترشيح الكبيبي (Hyperfiltration)، مما يؤدي إلى إجهاد الكلى وإرتفاع إحتمالية الإصابة بخلل وظيفي كلوي مع مرور الوقت، خاصة لدى الأفراد الذين يستهلكون أكثر من 2.5 غرام بروتين لكل كيلوجرام من وزن الجسم يومياً.

كما بيّنت دراسة أجرتها جامعة هارفارد Harvard School of Public Health عام 2021 أن تناول مكملات البروتين الصناعي، وخصوصاً بروتين مصل اللبن (Whey Protein)، ارتبط بزيادة احتمال ظهور حبّ الشباب واضطرابات الجهاز الهضمي وتغيرات في ميكروبيوم الأمعاء لدى بعض الأفراد. وأشارت الدراسة نفسها إلى أن الإعتماد الكامل على المكملات دون توازن غذائي قد يقلل من إمتصاص بعض الفيتامينات والمعادن الأساسية، خصوصاً الكالسيوم والمغنيسيوم، مما ينعكس على صحة العظام والعضلات على المدى الطويل.

إقتصادياً، خلص تقرير صادر عن منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية (OECD) عام 2024 إلى أن سوق البروتينات الرياضية في الشرق الأوسط نما بنسبة 18% خلال ثلاث سنوات، إلا أن هذا النمو ترافق مع زيادة في الإنفاق الصحي على حالات القصور الكلوي المرتبطة بسوء إستخدام المكملات، حيث سجّلت بعض الدول إرتفاعاً بنحو 12% في كلفة علاج أمراض الكلى المزمنة خلال الفترة ذاتها. هذه العلاقة توضح أن الإفراط في تناول البروتينات ليس مسألة صحية فحسب، بل له إنعكاسات إقتصادية مباشرة على أنظمة الرعاية الصحية.

أما من الجانب التنظيمي، فقد حذّرت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في تقريرها لعام 2023 من أن أكثر من 30% من مكملات البروتين المتداولة في الأسواق لا تخضع لإختبارات نقاء وجودة كافية، وبعضها يحتوي على معادن ثقيلة أو مواد منشطة غير مصرّح بها. وأوصت الهيئة بضرورة تشديد الرقابة وتوعية المستهلكين بمخاطر شراء المكملات غير المعتمدة، خصوصاً عبر الإنترنت حيث تزداد إحتمالات الغش التجاري.

في ضوء هذه المعطيات، يتفق الخبراء على أن إستهلاك البروتين أمر ضروري لنمو العضلات وتحسين الأداء البدني، لكن يجب أن يتم ضمن الحدود الموصى بها طبياً. فحسب توصيات منظمة الصحة العالمية والكلية الأميركية للتغذية الرياضية، لا ينبغي أن تتجاوز الكمية اليومية 2 غرام لكل كيلوجرام من وزن الجسم، مع ضرورة الحصول على البروتين من مصادر غذائية متنوعة مثل البيض، والأسماك، والبقوليات، بدلاً من الإعتماد الكامل على المساحيق الصناعية. كما توصي منظمة الصحة العالمية بإجراء فحوصات دورية لوظائف الكبد والكلى للرياضيين الذين يستخدمون المكملات لفترات طويلة.

إن التوازن بين الحاجة الفسيولوجية والوعي الصحي بات ضرورياً، فالإستهلاك غير المنضبط للبروتينات لم يعد مجرد خيار فردي بل قضية صحية وإقتصادية عامة، تتطلب من الحكومات تعزيز الرقابة على سوق المكملات وتكثيف حملات التوعية للحد من الأضرار الصحية والمالية المترتبة على هذه الظاهرة المتنامية.

سوق المكملات الرياضية يتجاوز 22 مليار دولار... و30% من ال... | Ektisadi.com | Ektisadi.com