الرياض تحلّق نحو موسكو... أول رحلة مباشرة للخطوط الجوية السعودية تفتح أجواء جديدة للتعاون مع روسيا

في مشهد يعكس التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة في إطار "رؤية 2030"، دشّنت الخطوط الجوية السعودية يوم الجمعة، أولى رحلاتها المباشرة إلى العاصمة الروسية موسكو، لتفتح بذلك فصلًا جديدًا في العلاقات السعودية – الروسية، قائمًا على توسيع آفاق التعاون في مجالات السياحة والتجارة والنقل الجوي. وقد أقيم احتفال رسمي بهذه المناسبة في كلٍّ من مطار الملك خالد الدولي بالرياض ومطار شيريميتيفو في موسكو، بحضور مسؤولين من الجانبين، أكدوا أن هذه الخطوة تمثل "جسرًا جديدًا بين الثقافتين" وفرصة لتعزيز الشراكات الاقتصادية.
تأتي الرحلة الجديدة ضمن خطة الخطوط السعودية التوسعية لربط المملكة بأكثر من 145 وجهة حول العالم بحلول عام 2030، بما يتماشى مع أهداف "رؤية 2030" الهادفة إلى تحويل المملكة إلى مركز لوجستي ومحور عالمي للسفر والسياحة.
وقد غادرت الرحلة رقم (SV 309) مطار الملك خالد الدولي صباح الجمعة وسط احتفاء رسمي، وحظيت في موسكو باستقبال مميز من السلطات الروسية ومسؤولي قطاع الطيران والسياحة.
إبراهيم العمر: خطوة استراتيجية نحو المستقبل
في حفل التدشين بالرياض، صرّح الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية السعودية إبراهيم العمر، قائلاً إن "هذه الرحلة المباشرة تجسّد جهدنا لربط المملكة بالعالم، وستسهم في دفع عجلة الاقتصاد وتشجيع السياحة بين البلدين، وتقوية العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة".
وأضاف أن هذه الوجهة الجديدة تأتي ضمن استراتيجية الشركة للتوسع في الأسواق الأوروبية والآسيوية، مؤكدًا أن الخطوط السعودية تعمل على دعم مكانة المملكة كمركز عالمي في مجال الطيران المدني، مع تطوير أسطولها الحديث وتوسيع شبكتها الجوية لتشمل المدن الكبرى حول العالم.
وفي مطار شيريميتيفو، رحّب السفير الروسي لدى المملكة سيرغي كوزلوف بالوفد السعودي، مشيرًا إلى أن هذه الرحلة "ليست مجرد حدث بروتوكولي، بل بداية تاريخ جديد من التواصل بين الشعبين".
وقال كوزلوف: "لقد فتحت هذه الخطوة أبوابًا واسعة أمام المسافرين بين بلدينا، وسهّلت الوصول إلى أسواق وثقافات جديدة. إنها تعكس رغبة مشتركة في رفع مستوى التعاون إلى شراكة استراتيجية حقيقية".
وأضاف أن العلاقات الروسية – السعودية شهدت خلال السنوات الأخيرة تطورًا نوعيًا في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والسياحة، والرحلات المباشرة ستمنح هذه العلاقات بعدًا إنسانيًا وثقافيًا جديدًا.
رؤية 2030: البعد الاقتصادي والسياحي للخطوة
وتندرج هذه الرحلة في سياق التحولات الاستراتيجية التي تشهدها المملكة نحو تنويع الاقتصاد وجعل السياحة أحد أعمدته الأساسية. وتشير التقديرات إلى أن الرحلات المباشرة بين الرياض وموسكو ستنعكس إيجابًا على تدفق الزوار الروس إلى الوجهات السعودية، خاصة مع تزايد الاهتمام بزيارة المواقع التاريخية والثقافية في مدن مثل العلا وجدة والدرعية.
وفي المقابل، تفتح هذه الخطوة آفاقًا جديدة للمستثمرين السعوديين في السوق الروسية، وتتيح فرصًا للتعاون في مجالات النقل الجوي والخدمات اللوجستية والتجارة الثنائية.
ولا تقتصر أهمية الرحلة على بعدها الاقتصادي والسياحي فحسب، بل تحمل أيضًا رمزية سياسية تعكس التقارب المتنامي بين الرياض وموسكو، خصوصًا بعد التنسيق الوثيق في ملف الطاقة ضمن تحالف "أوبك+". ويرى مراقبون أن هذا الخط الجوي المباشر يُعدّ رسالة صداقة واستقرار، تُبرز الدور السعودي المتوازن في بناء شراكات دولية قائمة على المصالح المشتركة والانفتاح المتبادل.
ومع انطلاق أول رحلة مباشرة بين الرياض وموسكو، تتجلى ملامح مرحلة جديدة في العلاقات السعودية – الروسية، تجمع بين الطموح الاقتصادي والانفتاح الثقافي، وترسم مسارًا من التعاون المتعدد الأبعاد، يعبّر عن جوهر "رؤية 2030": الانفتاح على العالم بثقة وثبات.