Contact Us
Ektisadi.com
اقتصاد

الصين تشدد قبضتها على معادن الأرض النادرة: سلاح اقتصادي يغيّر قواعد اللعبة العالمية

9B723CDE-066A-4930-90BE-706198863910

في خطوة جديدة تؤكد موقعها كلاعب محوري في سلاسل التوريد العالمية، أعلنت الصين – وفق ما نقلته قناة الجزيرة – عن تشديد ضوابط التصدير على مجموعة من المعادن الأرضية النادرة التي تعد ركيزة أساسية في الصناعات التكنولوجية والعسكرية الحديثة. وجاء هذا القرار عبر ما عُرف بـ”الإعلان رقم 61 لعام 2025” الصادر عن وزارة التجارة الصينية، قبل أيام من اجتماع مرتقب بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأميركي، في لحظة تتصاعد فيها حدة التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.

تشمل القيود الجديدة خمسة عناصر نادرة إضافية هي الهولميوم والإربيوم والثوليوم واليوروبيوم والإتيربيوم، لتنضم إلى سبعة معادن أخرى فُرضت عليها قيود في وقت سابق من العام نفسه، مثل الساماريوم والغادولينيوم والتيربيوم والديسبروسيوم واللوتيتيوم والسكانديوم والإيتريوم. وبهذا تكون بكين قد فرضت قيوداً على تصدير 12 عنصراً من أصل 17 معدناً نادراً تشكل مجتمعة نحو 90% من الإنتاج العالمي لهذه الموارد الحيوية.

أهمية هذه الخطوة تتجاوز البعد التجاري لتصل إلى صميم الأمن الصناعي العالمي. فالمعادن الأرضية النادرة تُستخدم في إنتاج الرقائق الإلكترونية، والمغناطيسات فائقة القوة، وشاشات الهواتف الذكية، والمركبات الكهربائية، وصواريخ التوجيه الدقيق. وتشير تقديرات إلى أن الصين تسيطر على أكثر من 60% من استخراج هذه المعادن و85% من عمليات تكريرها العالمية، ما يمنحها نفوذاً استراتيجياً لا يستهان به في مواجهة الاقتصادات الغربية التي تعتمد بشكل متزايد على هذه المواد في التحول نحو الطاقة النظيفة.

توضح الجزيرة أن القيود الصينية الجديدة لا تقتصر على المعادن نفسها، بل تمتد أيضاً إلى المعدات التقنية المستخدمة في عمليات تكريرها، ما يعني أن الشركات الأجنبية ستحتاج إلى موافقات خاصة من بكين لتصدير أي مواد تحتوي على أكثر من 0.1% من المعادن الأرضية الثقيلة. ومن المتوقع أن تدخل هذه الضوابط حيز التنفيذ في الأول من ديسمبر المقبل، مما يثير قلقاً في الأسواق التي تخشى من اضطرابات جديدة في سلاسل التوريد الحساسة للرقائق والمكونات المتقدمة.

يُنظر إلى هذه الخطوة كجزء من لعبة موازين القوى بين واشنطن وبكين، خصوصاً أن الولايات المتحدة تسعى جاهدة لتقليل اعتمادها على الصين في مجال المعادن الاستراتيجية، في حين تستخدم الأخيرة هذا القطاع كأداة ضغط اقتصادية وجيوسياسية. وقد أظهرت بيانات من الجزيرة ومصادر اقتصادية أخرى أن أسعار بعض العناصر النادرة ارتفعت بنسبة 25% خلال أسابيع قليلة بعد الإعلان، ما يعكس حساسية الأسواق تجاه أي تحرك صيني في هذا المجال.

في المحصلة، تبدو الصين عازمة على استخدام ثروتها المعدنية النادرة كأحد أقوى أوراقها في مواجهة الغرب، لتعيد رسم الخريطة الاقتصادية والتكنولوجية العالمية. ومع دخول القيود الجديدة حيز التنفيذ، قد تجد الشركات الغربية نفسها أمام واقع جديد تتحدد فيه موازين الابتكار والإنتاج بقرارات تصدر من بكين، لا من وول ستريت أو وادي السيليكون.