روسيا تكثّف ضرباتها على منشآت الطاقة الأوكرانية مع بداية الشتاء

مع عدم توفيق الهجوم الروسي الصيفي على الأراضي الأوكرانية في تحقيق أهدافه، كثّفت روسيا ضرباتها الجوية على المدن الأوكرانية ضمن استراتيجية واضحة تستهدف شلّ نظام الطاقة (Energy Infrastructure) في البلاد وإضعاف معنويات السكان، مع اقتراب موسم الشتاء الذي يزيد من حساسية الوضع. وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد النزاع تطورات متسارعة على الجبهات، بينما يسعى الطرفان إلى استنزاف قدرات الآخر على الصعيد العسكري والاقتصادي.
تشير التحليلات إلى أن الضربات الروسية المكثفة، خصوصًا باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، تتزامن مع توسيع الخطوط الأمامية للنزاع، ما يجعل أي تقدم بري صعب التحقيق ويزيد من أهمية الأهداف اللوجستية للطرفين. وتتركز الضربات الأوكرانية بالمقابل على مصافي النفط الروسية (Oil Refineries) في محاولة لتقويض التجارة الطاقية لموسكو ورفع تكلفة استمرار الحرب إلى أقصى حد.
تكثيف الضربات الروسية على الطاقة الأوكرانية
أدت الصواريخ والطائرات المسيرة الروسية إلى انقطاع التيار الكهربائي في كييف (Kyiv) يوم الجمعة، في تكرار لما شهدته العاصمة في الشتاء الماضي 2022-2023. وانتشرت الانقطاعات والدمار في مناطق أخرى، فيما تعاني الدفاعات الجوية الأوكرانية من صعوبة التعامل مع مئات القذائف المنتشرة عبر البلاد، وفقًا لشبكة بلومبيرغ اليوم الجمعة.
أوضح الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي (Volodymyr Zelenskiy) أن روسيا، بعد فشلها في تحقيق تقدم على الأرض، توجه ضرباتها مباشرة نحو البنية التحتية للطاقة، معتبرًا أن ذلك جزء من استراتيجية موسكو لفرض "سلام قسري".
وفي هذا السياق، قدرت مصادر مطلعة أن الضربات الروسية الأخيرة في مناطق خاركيف وبولتافا (Kharkiv & Poltava) أسفرت عن تعطيل نحو 60% من إنتاج الغاز في أوكرانيا، ما سيجبر البلاد على إنفاق نحو 1.9 مليار يورو (2.2 مليار دولار) على واردات الوقود لتغطية احتياجات الشتاء.
فشل الهجوم البري الروسي في تحقيق أهدافه، خصوصًا في السيطرة الكاملة على مناطق دونيتسك ولوهانسك (Donetsk & Luhansk)، يعكس صعوبة أي تقدم على الأرض بسبب انتشار الطائرات المسيرة وتوسع مناطق القتال إلى "مناطق قتل مفتوحة". ومع دخول القوات الروسية مزيدًا من الجنود والأسلحة، إلا أن وتيرة الهجوم لم تتسارع سوى بشكل طفيف منذ مايو، بمكاسب تعادل نحو نصف في المئة من إجمالي الأراضي الأوكرانية هذا العام.
الهجمات الأوكرانية على روسيا وتأثيرها
في المقابل، أدت الهجمات الأوكرانية بالطائرات المسيرة على مصافي النفط الروسية إلى تقليص معالجة النفط الخام، ما اضطر موسكو إلى تصديره إلى الخارج للتكرير. وأشار زيلينسكي إلى وجود نقص في الوقود بنسبة تصل إلى 20% في روسيا، وهو رقم لم يتم التحقق منه بشكل مستقل.
تواجه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحديات في الرد على هذه الهجمات، رغم تهديدات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بفرض عقوبات جديدة على روسيا، بينما تتأخر حزم العقوبات الأوروبية بسبب اعتراضات من دول مثل النمسا وسلوفاكيا. وتدرس مجموعة السبع (G7) فرض قيود على شركات النفط الروسية وشركات ثالثة تسهّل التجارة الطاقية لموسكو.
من جانبها، تسعى أوكرانيا للحصول على منظومات دفاع جوي متقدمة وصواريخ بعيدة المدى لضرب الأهداف العسكرية داخل الأراضي الروسية، بينما يرفض فلاديمير بوتين (Vladimir Putin) هذه التهديدات بوصفها "مناورات" ويؤكد عزمه على تعزيز الدفاعات الجوية وعرض أسلحة جديدة قريبًا.
التأثير على أوروبا وأسواق الطاقة
استراتيجية روسيا الجديدة ستؤثر ليس فقط على أوكرانيا، بل على أوروبا أيضًا، التي ستحتاج إلى تأمين إمدادات الغاز لأوكرانيا إلى جانب تغطية احتياجاتها المحلية. ويُتوقع أن يتصاعد الضغط على الأسواق الأوروبية في الأشهر المقبلة مع اقتراب الشتاء، خصوصًا إذا استمرت الضربات على محطات الطاقة الأوكرانية.
مع تصعيد روسيا للضربات على البنية التحتية للطاقة الأوكرانية (Energy Infrastructure) وفشل الهجمات البرية في تحقيق نتائج كبيرة، يظل النزاع في أوكرانيا معقدًا ومتعدد الأبعاد، حيث تتداخل الجوانب العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية. وفي ظل اقتراب الشتاء، سيكون شهر نوفمبر حاسمًا في تحديد مدى قدرة أوكرانيا على الصمود، وفاعلية الدعم الدولي في توفير أسلحة متقدمة وأنظمة دفاعية، وكذلك تأثير العقوبات الأوروبية والأميركية على قدرة موسكو على مواصلة الحرب.