موديز: المشاريع الكبرى في السعودية تشهد تقدمًا "غير متكافئ"

تواجه المملكة العربية السعودية مساراً متقلباً في تنفيذ مشاريعها العملاقة ضمن رؤية 2030، إذ وصف تقرير صادر عن وكالة موديز لخدمات المستثمرين التقدم في تلك المشاريع بأنه “غير متوازن”، نتيجة عقبات متشابكة تشمل تحديات هندسية، وضعف الاستثمارات الخاصة، وتراجع أسعار النفط العالمية.
ورغم أن الحكومة السعودية لا تزال ماضية في تنفيذ خطة التحول الاقتصادي التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإن مؤشرات العجز المالي تؤكد أن الموازنة العامة ستستمر في تسجيل فجوات حتى عام 2028 على الأقل، بحسب توقعات موديز. ويأتي ذلك بالتوازي مع سعي المملكة للحفاظ على زخم مشاريعها الاستراتيجية، وعلى رأسها مشروع نيوم الذي يُعدّ جوهر رؤية 2030.
لكن المشروع الضخم يواجه تأخيرات في التنفيذ وتحديات في الإنشاء، خصوصاً في مكوناته الكبرى مثل تروجينا – المنتجع الجبلي المخصص للتزلج في قلب الصحراء – ومدينة ذا لاين المستقبلية التي أُعيدت دراستها مؤخراً لتقييم مدى جدواها الاقتصادية والفنية. وأكدت موديز أن “الصعوبات الهندسية تعيق تقدم العمل في مدينة نيوم تحديداً، نظراً لضخامة المشروع وتعقيده”، مشيرةً إلى أن انخفاض أسعار النفط وتراجع الإنتاج يفرضان ضغوطاً إضافية على التمويل.
ووفقاً للبيانات الأولية، ضاعفت الحكومة السعودية تقديراتها لعجز الموازنة هذا العام، مع توقع استمرار الفجوة المالية في السنوات المقبلة، في حين يُرجَّح أن تتحسن الإيرادات تدريجياً حتى عام 2026 قبل أن تعاود المصروفات الارتفاع.
ورغم مرور ما يقارب عقداً على إطلاق رؤية 2030، فإن اعتماد المملكة على عائدات النفط لا يزال شبه ثابت مقارنة بعام 2016، بل تعمّق وفق بعض المؤشرات. إذ تُقدّر بلومبيرغ إيكونوميكس أن سعر التعادل المالي للموازنة السعودية يبلغ حالياً 94 دولاراً للبرميل، وهو أعلى من مستواه قبل عشر سنوات، ويقفز إلى 111 دولاراً عند احتساب استثمارات صندوق الاستثمارات العامة ضمن النفقات المحلية، فيما يتداول خام برنت حالياً عند نحو 65 دولاراً للبرميل.
وتشير التقارير إلى أن انخفاض أسعار الخام بنسبة 12٪ منذ مطلع العام، إلى جانب تباطؤ الاستثمارات الأجنبية المباشرة وضعف تمويل القطاع الخاص، يشكّل عقبات حقيقية أمام تسريع وتيرة المشاريع الكبرى. وفي هذا السياق، أوضح محللو موديز أن “تمويل استثمارات رؤية 2030، بما في ذلك المشاريع العملاقة (Giga Projects)، يعتمد بشكل أساسي على صندوق الاستثمارات العامة والشركات السعودية التابعة له”، مؤكدين أن تعزيز دور القطاع الخاص أصبح ضرورة ملحّة لضمان استكمال تلك المشاريع الطموحة.
وبينما لا تزال المملكة مصمّمة على المضي في تحقيق أهدافها التنموية والاقتصادية، يبدو أن نجاح رؤية 2030 سيعتمد بدرجة متزايدة على قدرتها على موازنة الطموح مع الواقع المالي والهندسي، وخلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية للقطاع الخاص في الداخل والخارج.